تداول مستخدمون على موقعي إكس وفيسبوك مقطع فيديو يُزعم أنه يوثق قيام "مجموعة درزية إرهابية بإعدامات جماعية بحق عناصر الأمن السوري".
ويظهر المقطع تصفية عدد من الأشخاص على يد مسلحين زعم أنهم يتبعون للزعيم الدرزي حكمت الهجري الذي طالب في وقت سابق بتدخل دولي عاجل ومباشر لحماية المدنيين في سوريا، معرباً عن عدم ثقته بالحكومة الحالية وبوجود عناصرها بين أبناء الطائفة، لكونهم "يتصرفون على أساس تكفير الطوائف والأديان المغايرة".
ونال الفيديو والادعاء المرافق له انتشاراً واسعاً على الموقعين المذكورين، وتجدون عينة من الحسابات التي تداولته ضمن قائمة "مصادر الادعاء".
المحتوى الذي يتضمن مزيجاً من الحقائق والأكاذيب.
أجرى فريق منصة (تأكد) بحثاً للتحقق من صحة الفيديو والادعاء الذي يزعم أن "مجموعة درزية إرهابية تقوم بإعدامات جماعية بحق عناصر الأمن السوري"، وأن "عصابات الهجري الذي يطالب بحماية دولية أعدمت رجال الأمن العام"، فتبين أنه ادعاء مضلل.
حيث نقل مراسل منصة تأكد في المنطقة التي وقعت فيها الحادثة عن مصادر محلية تأكيدهم أن المقطع المرفق بالادعاء يوثق إعدام مجموعة من ميليشيا "قوات الفجر" التابعة للقيادي الدرزي راجي فلحوط المدعوم من شعبة الاستخبارات العسكرية التابعة للنظام السوري المخلوع.
وبحسب المراسل، يعود تاريخ تسجيل المقطع لأواخر العام 2022 خلال حملة شنتها "قوات الفهد" بقيادة الزعيم الدرزي ليث البلعوس، انتهت بالقضاء على الميليشيا التي كانت تمتهن الخطف والسلب وترويج المخدرات والاتجار بها.
وتظهر نسخة لذات الفيديو أكثر وضوحاً من النسخة المتداولة مع الادعاء، منشورة بتاريخ 2 شباط/ فبراير 2023 عبر "شبكة أخبار السويداء بدقيقة" على تيليغرام، مشاركة البلعوس بعملية التصفية، الأمر الذي يدعم المعلومات التي حصلنا عليها.
وأثبتت مصادر عدة زيف الادعاء أبرزها موقع "مسبار"، حيث أجرى تحققاً بعنوان: الفيديو قديم وليس لمسلحين دروز يطلقون النار على قوات الأمن العام السوري.
وشكل هذا الادعاء واحد من عدة ادعاءات أخرى، استُخدمت فيها فيديوهات قديمة ضمن سياق حملة تحريضية مرافقة لاشتباكات في بلدتي جرمانا وصحنايا، بين مجموعات مسلحة بعضها من خارج المنطقة وأخرى من داخلها، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى، بينهم عناصر من قوى الأمن المنتشرة في المنطقة.
يشير نص للكاتب الصحفي مازن العزي نشر في موقع درج العام 2022 إلى أن راجي فلحوط بدأ حياته المهنية كمغترب يعمل في مجال ديكورات الحجر في الخليج، عاد إلى محافظة السويداء بعد عام 2011، لينخرط تدريجياً في العمل المسلح المحلي. تنقّل بين مجموعات أهلية مسلحة، بعضها كان يحمل شعارات معارضة للنظام السوري، مثل ائتلاف "الشريان الواحد" الذي تبنّى خطاباً يتهم النظام المخلوع بالوقوف وراء اغتيال الشيخ وحيد البلعوس، أحد أبرز رموز "رجال الكرامة". إلا أن معظم هذه الفصائل سرعان ما انزلقت في أنشطة غير قانونية شملت التهريب وتجارة المخدرات والسلاح والخطف مقابل الفدية، تحت ذريعة التمويل الذاتي.
في عام 2018، نجح اللواء كفاح الملحم، رئيس فرع الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية، في استمالة عدد من قادة الشريان الواحد، ومن بينهم الفلحوط، لتأسيس ما يُعرف بـ"محلية الأمن العسكري"، وهي مجموعات مسلحة درزية محلية مرتبطة بشكل مباشر بالجهاز الأمني لكنها تحتفظ بهامش من الاستقلالية لتنفيذ أجندات محلية.
أنشأ راجي الفلحوط "حركة قوات الفجر" تحت مظلة الأمن العسكري، وبدأ بممارسة نفوذ متزايد عبر فتح جبهات صراع داخلية، لا سيما ضد عشائر البدو في السويداء، ما هدد السلم الأهلي في المحافظة. اعتمد استراتيجية قائمة على التصعيد وفرض الهيبة بالقوة، منتظراً أن يُطلب منه الصلح من موقع القوة. غير أن هذه السياسة وصلت في النهاية إلى طريق مسدود، حين واجه مقاومة مباشرة من أهالي مدينة شهبا، الذين سبق أن طردوا عصابات مسلحة من مدينتهم في العام 2021، ليتحالفوا هذه المرة مع "حركة رجال الكرامة" ويشنوا هجوماً واسعاً على مقراته، ما أسفر عن تفكيك جماعته وإنهاء نفوذه.