تداولت حسابات في إكس وفيسبوك منذ 18 آب/ أغسطس الجاري مقطع فيديو زعمت أنه يُظهر القبض على "المجرم أبو أسد المعروف بمغتصب الحرائر في سجن صيدنايا، والمتورط باغتصاب أكثر من 27 معتقلة".
يظهر المقطع شخصًا غير معروف يتعرض للضرب من آخرين، وسط سماع دوي إطلاق نار، دون أي معلومات عن الأطراف المعتدية أو هوية الشخص الذي يُضرب.
وحاز المقطع على انتشار واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، يمكن الاطلاع على عينة من الحسابات المساهمة بنشره في قائمة "مصادر الادعاء".
المحتوى الذي يتعارض بالكامل مع حقائق مثبتة وجرى تأليفه بالكامل ولا أساس له من الصحة.
تحقّقت منصة (تأكد) من صحة الفيديو وادعاء أنه يُظهر القبض على "المجرم أبو أسد المعروف بمغتصب الحرائر في سجن صيدنايا والمتورط باغتصاب أكثر من 27 معتقلة"، فتبيّن أن الادعاء ملفّق والتسجيل قديم.
وأظهر البحث العكسي بأداة Google Lens أن مقطع الفيديو المتداول مع الادعاء، قديم وجرى تداوله في كانون الأول/ ديسمبر 2024، زُعم حينها أنه يُظهر "أحمد سليمان الدرويش أبو أسد، الذي اغتصب 27 أخت في سجن صيدنايا"، وهو الادعاء ذاته، إلا أنه لم يعلن حتى بعد مرور كل هذه الأشهر عن إلقاء القبض على أي شخص يحمل ذات اللقب، ولم تشر أي مؤسسة حقوقية أو رسمية إلى توقيف متهمين بالجرم الذي يجري تداوله مع الادعاء.
كما تواصلت (تأكد) مع مصدر من المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية السورية، وأكّد أنه لا توجد لديهم أي معلومات عن اعتقال شخص متهم بجرائم اغتصاب في سجن صيدنايا.
ولم يتسن لمنصة (تأكد) التعرف على هوية الأشخاص الذين يظهرون بالفيديو وظروف الحادثة التي يوثقها، إلا أن فترة انتشاره في كانون الأول/ديسمبر 2024 شهدت الكثير من أحداث الاعتداء المماثلة ضد اشخاص اتهموا من قبل الفصائل العسكرية والسكان المحليين بارتكاب جرائم حرب ضد السوريين خلال فترة حكم نظام الأسد.
وكان فريق (تأكد) قد أجرى تحقيقًا سابقًا في كانون الأول/ ديسمبر 2024، حصل خلاله على تصريح من دياب سرية، المؤسس المشارك ومدير رابطة معتقلي صيدنايا، أكد فيه أن سجن صيدنايا غير مخصص للنساء، وهو "سجن عسكري مُخصص لاحتجاز الرجال فقط".
وأوضح سرية في رده على أسئلة فريق (تأكد) حول الفيديوهات والصور والقصص التي تزعم وجود نساء في السجن، أن الملفات الخاصة بالمعتقلين، والتي كانت تحت سيطرة النظام سابقًا، أصبحت بعد سقوطه بيد المدنيين، ولم يُعثر على أي ملف يثبت وجود امرأة معتقلة في صيدنايا، ما ينفي أن يكون المقطع يوثق القبض على مجرم مسؤول عن عمليات اغتصاب لمعتقلات في السجن، باعتبار أنه لا يوجد نساء داخله.
فور سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، ومع فتح سجون النظام المخلوع وفروعه الأمنية، انتشرت عشرات الأخبار والصور الملفقة، لا سيما المتعلقة بسجن صيدنايا الشهير. وعملت منصة (تأكد) على التحقق من عدد كبير من الأخبار المضللة والملفقة حول هذا السجن.
ودعت المنصة حينها إلى الالتزام بنشر المقاطع والقصص الموثقة والحقيقية، حفاظًا على حقوق المعتقلين السوريين وضمانًا لملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات.
صيدنايا (المسلخ البشري)
يعد سجن صيدنايا، المعروف بـ"المسلخ البشري" بسبب التعذيب والازدحام والحرمان، أحد أكثر السجون تحصينًا في سوريا. يقع قرب دير صيدنايا على بعد 30 كيلومترًا شمال دمشق، وبُني عام 1987، ويتميز بتصميم فريد من 3 مبانٍ تلتقي عند نقطة تُعرف باسم "المسدس".
ووثقت منظمات حقوقية وإعلامية إعدامات وتعذيب آلاف المعتقلين فيه بين 2011 و2015، مع تقارير عن شنق وحرق السجناء، ما دفع العفو الدولية والأمم المتحدة لطلب تحقيق مستقل في الانتهاكات.