صور أفيخاي أدرعي في ريف دمشق لا تثبت دخوله مدينة قطنا

رافي برازي
calendar_month
نشر: 2025-08-01 , 2:55 م
edit
تعديل: 2025-08-02 , 5:46 ص

الادعاء

انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً مجموعة من الصور تُظهر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في ما قيل إنها جولة داخل مناطق من ريف دمشق، بما في ذلك مدينة قطنا الواقعة جنوب غرب العاصمة. ورافق تداول الصور مزاعم باختراق أدرعي لمناطق مأهولة تقع ضمن نطاق سيطرة الدولة السورية، ما أثار موجة من الجدل والتساؤلات حول مدى دقّة ما يُروّج له.

غير مؤكد

المحتوى الذي لا يملك مقومات كافية لتأكيده ولا لنفيه وتصنيفه ضمن أي نوع من أنواع التقييمات.

دحض الادعاء

نُشرت هذه الصور للمرة الأولى عبر حساب المصوّر الإسرائيلي ربيع باشا، الذي يصف نفسه بـ"المستقل"، رغم ارتباطه الوثيق بالجيش الإسرائيلي وتوثيقه المتكرر تحركاته الرسمية. ورافق باشا أفيخاي أدرعي خلال ما وصفها بـ"جولة تفقدية" في القرى الدرزية الواقعة بين جبل الشيخ وريف دمشق، حيث ظهر أدرعي يتنقّل بين مراكز مدنية، ويطّلع على ما وصفها باشا بـ"مشاريع حيوية يشرف عليها الجيش الإسرائيلي"، في مناطق قال إنها تعاني من "غياب مؤسسات الدولة السورية" و"قمع الطائفة الدرزية".

كما نشرت الصحفية عناب حلبي، التي تعرّف نفسها بأنها "صحفية نسوية"، صورة توثّق وجود أدرعي داخل أحد المراكز المدنية، ووصفت الجولة بأنها زيارة لتفقّد مشاريع يدعمها الجيش الإسرائيلي في ظل ما سمّته "استبعاد الدولة السورية للطائفة الدرزية"، وفق تعبيرها، ما يعكس خطاباً منسقاً لتبرير الظهور العلني لأدرعي داخل مناطق سورية من خلال تبنّي سردية حماية الأقليات.

أدرعي داخل مركز في جبل الشيخ

من بين الصور التي لاقت انتشارًا واسعًا، برزت لقطة يظهر فيها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي داخل مقر يحمل على جدرانه ملصقات جمعية "سوريون إيجابيون بالمطلق"، ويشير أحدها بوضوح إلى "فرع عرنة". تُعرف هذه الجمعية بانتشار فروعها في مناطق سورية متعددة، إلا أن الصورة تحديدًا التُقطت داخل مركز الجمعية في قرية عرنة الواقعة على السفوح الجنوبية الشرقية لجبل الشيخ والتابعة إدارياً لمنطقة قطنا، وهو ما تأكد من خلال النص الظاهر على الحائط. ويقع المركز في محيط ساحة الفيجة قرب "مكتبة رود" داخل القرية، التي تبعد نحو 6 كيلومترات فقط عن القمة المحتلة من جبل الشيخ، في حين تفصلها مسافة  28.6 كيلومتراً عن مدينة قطنا جنوب غرب دمشق، التي زُعم أن أدرعي دخلها.

إثر ذلك، أصدرت مؤسسة "سوريون إيجابيون بالمطلق" بياناً عبر معرفاتها نفت فيه بشكل قاطع أي علاقة لها بتلك الزيارة، مؤكدة أن تواجد أدرعي في أحد مراكزها لم يكن بعلم المؤسسة أو بتنسيق معها، وأنه لم يُمنح أي صفة رسمية. كما شددت المؤسسة على رفضها المطلق لهذا "الظهور المشبوه"، واعتبرته "محاولة جديدة ضمن سلسلة من محاولات العدو للتسلل إلى مجتمعنا وزرع الفتنة عبر أدوات إعلامية مضللة"، مؤكدة في الوقت نفسه تمسكها بمبادئ الاستقلالية ورفض التدخلات الخارجية، لا سيما تلك الصادرة عن كيان معادٍ للشعب السوري وتاريخه.

محطة ثانية ضمن جولة أدرعي

في صورة أخرى من الصور المتداولة، يظهر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، برفقة جنود إسرائيليين داخل أحد الأحياء السكنية، حيث يحيط بهم عدد من الأطفال. وتُظهر الخلفية لافتة واضحة مكتوب عليها "صالون ماسة للسيدات"، وهو ما سمح بتحديد الموقع بدقة. وبحسب مصادر محلية من منطقة قطنا، فإن هذا الصالون يقع في قرية بقعسم، وهي بلدة تتبع إداريًا لمنطقة قطنا في ريف دمشق.

تُصنّف بقعسم ضمن القرى الواقعة جنوب مدينة قطنا، وتفصلها عنها مسافة تقارب 20 كيلومترًا، بينما تبعد نحو 10 كيلومترات فقط عن قرية عرنة، التي ظهر فيها أدرعي سابقًا داخل مركز مدني تابع لجمعية "سوريون إيجابيون بالمطلق". هذه المعطيات تدل على أن الجولة لم تقتصر على موقع واحد، بل شملت عدة قرى قريبة من السفوح السورية لجبل الشيخ، ما يُعزز الانطباع بأن التحرك كان ميدانيًا ومخططًا له على نطاق جغرافي متّصل في عمق ريف دمشق الجنوبي الغربي.

هل دخل أدرعي مدينة قطنا؟

رغم المزاعم التي رافقت تداول صور أفيخاي أدرعي بشأن دخوله مدينة قطنا بريف دمشق، نفت مصادر محلية من داخل المدينة مشاهدته أو تسجيل أي نشاط له فيها، مؤكدة أن جولته اقتصرت على القرى الدرزية المحيطة بجبل الشيخ، والتي تتبع إداريًا لمنطقة قطنا، دون أن تشمل المدينة ذاتها. وتُعد قطنا مركزًا إداريًا لمنطقة واسعة تضم أربع نواحٍ، تشمل قرى، من أبرزها: عرنة، بقعسم، ريمة، قلعة الجندل، رخلة، عيسم، وعين الشعرة، وهي المناطق المرجّح أن أدرعي تنقّل بينها خلال زيارته.

في المقابل، تعذّر تحديد الموقع الجغرافي الدقيق لبقية الصور المتداولة، نظرًا لغياب علامات مميزة يمكن الاستناد إليها لتحديد مكانها، حيث ظهر أدرعي في مراكز مدنية وأحياء سكنية دون لافتات واضحة أو معالم تشير إلى موقعها. وبذلك، لا يمكن الجزم ما إذا كانت جولته شملت مواقع إضافية، ما لم تظهر أدلة بصرية جديدة توثّق أماكن أخرى بشكل قاطع.

رسالة إسرائيلية جديدة 

وفق وسائل إعلام إسرائيلية، أجرى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، زيارة إلى قرى درزية تقع على السفوح الشرقية لجبل الشيخ داخل الأراضي السورية، والتقى بعدد من وجهاء الطائفة الدرزية في المنطقة. ووصفت تقارير إعلامية عبرية الاستقبال الذي حظي به أدرعي بـ"الملكي"، مشيرة إلى أن الجولة جرت بصورة علنية، والتُقطت خلالها صور ومقاطع فيديو تظهره وهو يعانق شيوخاً ويشارك في نقاشات داخل مراكز محلية، في مشهد غير مسبوق من حيث الشكل والمكان والتوقيت.

وبحسب ما نُشر، فإن هذه الزيارة لم تكن عابرة، بل تندرج ضمن سياسة تعتمدها إسرائيل في الجنوب السوري، تقوم على استمالة بعض المكونات الاجتماعية، وخاصة الدروز، من خلال ما يُعرف بسياسة "الارتباط المدني"، وهي سياسة تهدف إلى تعزيز النفوذ الإسرائيلي في المناطق المحاذية للجولان المحتل عبر قنوات مجتمعية ودينية، بعيدًا عن أي مواجهة عسكرية مباشرة. وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس، عقب تصاعد التوترات في محافظة السويداء، ما يفتح الباب أمام قراءات متعددة حول أهداف إسرائيل من هذا التحرك، ومدى تأثيره على التوازنات القائمة في جنوب سوريا.

في سياق تغطية الجولة، نشر أفيخاي أدرعي تسجيلاً مصوراً عبر حساباته الرسمية كشف فيه عن الأهداف خلف زيارته إلى قمة جبل الشيخ ومناطق في جنوب سوريا، موضحاً أنها تندرج ضمن ما وصفه بـ "مهام دفاعية" تهدف إلى ترسيخ الاستقرار على الحدود ومنع تهريب الأسلحة إلى جهات وصفها بـ "المتطرفة". ولفت أدرعي إلى أن المنطقة باتت تخضع لرقابة لواء الجبال، وهو تشكيل عسكري جديد أُنشئ في عام 2023 ضمن القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي، ويتمركز في سفوح جبل الشيخ لمراقبة الحدود مع سوريا ولبنان. ويأتي هذا اللواء جزءاً من استراتيجية إسرائيلية للسيطرة على ما يجري في المناطق المحتلة من سوريا ولبنان، بما في ذلك نشاطات التهريب والفصائل المسلحة، ما يشير إلى أن جولة أدرعي ليست معزولة، بل تندرج ضمن سياسة أوسع تهدف إلى تكريس الحضور الإسرائيلي في الداخل السوري، عبر أدوات عسكرية ومدنية متداخلة.


الاستنتاج

  1. أظهر التحقق أن الصور المتداولة توثق تواجد أفيخاي أدرعي في قرى درزية تتبع إداريًا لمنطقة قطنا، مثل عرنة وبقعسم، دون أن تشمل المدينة ذاتها، وفق ما أكدته مصادر محلية من داخل قطنا.
     
  2. أكدت المطابقة البصرية لإحدى الصور وجود لافتة باسم "صالون ماسة للسيدات" خلف أدرعي، وهو ما سمح بتحديد الموقع الجغرافي بدقة داخل قرية بقعسم، بينما ظهر في صورة أخرى داخل مركز تابع لجمعية "سوريون إيجابيون بالمطلق" في قرية عرنة.
     
  3.  لم يُثبت حتى الآن دخول أدرعي إلى قطنا أو أي موقع آخر داخل مناطق سيطرة الحكومة السورية خارج نطاق القرى المحاذية لجبل الشيخ.

لماذا تأكد؟!

منصة تأكد منصة مستقلة وغير متحيزة متخصصة بالتحقق من الأخبار والمعلومات تأسست في سوريا أوائل عام 2016 لمواجهة انتشار المعلومات المضللة.

معتمدة من:

certified

دليل التحقق

certified

شاركنا لنتأكد

© جميع الحقوق محفوظة لمنصّة تأكّد 2025