تداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا مقطع فيديو يظهر فيه شخص يتحدث بالألمانية حول نظرية مؤامرة، زعم فيها أن تركيا وفصائل جهادية في سوريا دبّرت الهجوم الكيماوي الذي استهدف غوطة دمشق الشرقية عام 2013، بهدف دفع المجتمع الدولي للتدخل لإسقاط نظام الأسد.
وادعى ناشرو المقطع المترجم إلى العربية أن المتحدث هو "سفير ألمانيا السابق في تركيا" ويدعى مايكل لودرز.
وحظي المقطع بالانتشار على نطاق واسع بالتزامن مع مرور الذكرى السنوية الثانية عشرة للمجزرة التي راح ضحيتها أكثر من ألف مدني، معظمهم من النساء والأطفال، نتيجة تعرضهم لغاز السارين، وفق تقارير أممية ومنظمات حقوقية.
المحتوى الذي يحرص على تضمين خططا خفية لمؤامرة ما ويقوم بالبناء على هذا الأساس بما يدعم توجها ما أو استنتاجا ما، دون أدلة أو قرائن واضحة ومثبتة.
أجرى فريق منصة "تأكد" تحققًا حول الادعاء المتداول، فتبين أنه مضلل. المقطع المجتزأ يعود إلى برنامج حواري بُث على قناة ZDF الألمانية عام 2020، عرّفت فيه القناة مايكل لودرز بصفته "رئيس الجمعية الألمانية العربية"، وليس "سفير ألمانيا السابق في تركيا" كما زُعم.
أما بخصوص النظرية التي روج لها لودرز، فقد أظهرت مراجعة تحقيقات نشرها قسم Faktenfinder التابع لهيئة البث الألمانية (Tagesschau) بتاريخ 9 نيسان/أبريل 2020، أنها تستند بالأساس إلى مقالات قديمة للصحفي الأمريكي سيمور هيرش، والتي زعمت أن الهجوم كان "عملية تحت علم مزيف" نفذتها جبهة النصرة بدعم تركي.
غير أن Faktenfinder أوضح أن هذه الفرضية تفتقر إلى الأدلة وتتناقض مع نتائج تحقيقات رسمية من بينها تقارير الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) التي خلصت إلى أن نوعية وكمية غاز السارين المستخدم تشير بوضوح إلى امتلاك منفذي الهجوم قدرات تقنية ومخزونات عسكرية لا تتوافر إلا لدى الجيش السوري.
وحول الهجوم، أكد خبراء الأمم المتحدة، بينهم آكي سيلستروم رئيس بعثة التحقيق، أن الفرضية التي تزعم تورط المعارضة "شديدة الضعف"، ولم تقدم الحكومة السورية أي رواية مقنعة لكيفية امتلاك الفصائل لهذا السلاح.
بدوره نفى الصحفي التركي جان دوندا - الذي استند إليه لودرز كمصدر-، نفى بشكل قاطع أن يكون قد تحدث عن تزويد جبهة النصرة بغاز السارين، ووصف الأمر بأنه "هراء كامل".
في 21 آب/أغسطس 2013 تعرضت بلدات في الغوطة الشرقية لغارات من قبل نظام بشار الأسد استخدم فيها غاز السارين، ما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص بحسب تقديرات الولايات المتحدة، بينهم مئات الأطفال. واعتبر الهجوم الأكبر من نوعه منذ توقيع اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وأثار موجة استنكار دولي كاد أن يقود إلى تدخل عسكري غربي ضد نظام بشار الأسد المخلوع، قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق روسي-أميركي قضى بتدمير الترسانة الكيميائية المعلنة لسوريا.