تأكد
تضليل

تضليل

هل كل موثقٍ رسميٌّ؟ التضليل بشارة التوثيق الزرقاء على مواقع التواصل

أدونيس حسن

أدونيس حسن

نشر ٣ نوفمبر ٢٠٢٥
هل كل موثقٍ رسميٌّ؟ التضليل بشارة التوثيق الزرقاء على مواقع التواصل

الادعاء

شكلت الحسابات الموثقة بالعلامة الزرقاء المنتحلة صفة شخصيات عامة أو الزاعمة تبعيتها لجهة رسمية؛ أزمة في المعلومات وإرباكاً لم يقتصر على المستخدم العادي، بل وقع في فخّها مؤسساتٌ إعلاميةٌ كبرى تعاملت معها كمصادر موثوقة، ما استدعى اتباع أساليب جديدة للتحقق من مصداقية هذه الحسابات

دحض الادعاء

حالات الحصول على شارة التوثيق

مع نهاية عام 2022، أطلقت منصة تويتر (إكس حالياً) خدمة الاشتراك المدفوع التي تتيح الحصول على شارة توثيق الحساب الزرقاء، مع إضافة اللونين الرمادي والذهبي، لتمييز المؤسسات الحكومية والحسابات التي تأكدت الشركة منها.

أعلن لاحقاً الرئيس التنفيذي لشركة ميتا عن إتاحة توثيق الحسابات عبر منصات الشركة باشتراك مدفوع شهريًّا، بهدف "تعزيز المصداقية والأمان وتوفير حماية إضافية من انتحال الهوية ضد الحسابات"، بحسب تعبير الرئيس التنفيذي.

إلا أن الإجراءات السابقة سببت فوضى على الموقعين، لتمكن المستخدم العادي -سواء كان شهيراً أم لا- من الحصول على علامة التوثيق الزرقاء بمقابل مادي، إضافة لميزات أخرى.

يتميز موقع إكس باحتوائه على ثلاثة أنماط من شارات التوثيق: العلامة الزرقاء: وتعني أن الحساب له اشتراك نشط مدفوع في خدمة X Premium.

العلامة الرمادية: وتشير إلى أن الحساب يمثّل جهة حكومية أو  مؤسسة متعددة الأطراف أو شخصية رسمية.

العلامة الذهبية: وهي دلالة أن حساب المؤسسة رسمي وفق Premium للأعمال.

بينما تقدم شركة ميتا شارة واحدة لكل الحسابات، سواء المحقّقة التابعة للشخصيات العامة والكيانات البارزة، أو الأخرى الحاصلة على اشتراك مدفوع في Meta Verified.

آثار الحصول على شارة التوثيق المدفوعة

بعد أن كانت الشارة الزرقاء مرتبطة بمعايير الأصالة ونشاط الحساب وبروزه؛ سمحت التغييرات السابقة في سياسة المنصات بانتشار حسابات شخصية تدعي التبعية لوكالات أو منظمات عالمية، أو توحي بأنها معرفات رسمية لشخصيات عامة، أو تنتحل صفة مشاهير ومسؤولين، مما عزز فوضى المعلومات.

تتقن بعض هذه الحسابات اللغة الرسمية واستخدام المصطلحات الدقيقة، ما يجعلها تبدو مصدراً موثوقاً بالنسبة للجمهور، إضافةً إلى ما توحي به العلامة الزرقاء من المصداقية، نظراً لدلالتها المترسخة عبر سنوات طويلة بأن هذا الحساب قد جرى التحقق من هويته، قبل تحويلها لخدمة مدفوعة متاحة للجميع، ليحيط بالدلالة الكثير من الإرباك والتخبط، وسط غياب التدقيق والمراجعة الواضحة من الشركات التقنية المسؤولة عن مواقع التواصل الاجتماعي.

(تأكد) تكشف استغلال شارة التوثيق المدفوعة

عملت منصة (تأكد) في عدة تحقيقات على كشف حسابات تحمل شارات التوثيق، لعل أبرزها حساب "منال الأسد" التي تعرف نفسها بمنصب "دبلوماسية في وزارة الخارجية السورية"، لكن التحقق أظهر أنها شخصية وهمية تستخدم صور مدونة مغربية تدعى كوثر وتعرف بلقب "كاتيا عزيز".

تعاظم دور هذه الحسابات مع سقوط نظام الأسد في سوريا، إذ تضاعفت نسب المنشورات الكاذبة والمضللة نظراً لغياب الإعلام الرسمي وفوضى التغطية الإخبارية، لتتسبب المصداقية الزائفة المرتبطة بعلامة التوثيق بتضاعف وصول هذه الحسابات للجمهور. يبرز هنا حساب "بسام حنا" مثالاً على ذلك، والذي عملت (تأكد)على توضيح تفاصيل وافية حول دوره المضلل.

مؤسسات إعلامية تقع في فخ الحسابات الموثقة

اهتز الارتباط بين الشارة الزرقاء والتحقق من الهوية، ولكن بقيت آثاره ذهنياً، كما أن المنصات نفسها تُبرز الحسابات الموثقة في نتائج البحث والتعليقات، ما يُكسبها وزناً بصرياً واجتماعياً يرسّخ الثقة بها دون وعي، ومع سرعة انتشار الأخبار على وسائل التواصل، قد لا يجد المستخدمون فرصة للتحقق، لكن لم يقتصر الأمر على المستخدم العادي، بل امتد لوسائل إعلام ومؤسسات إعلامية شهيرة.

خلال العدوان الإسرائيلي على إيران، جهات إعلامية بينها "سكاي نيوز عربية وMTV والجديد اللبنانيتين" نشرت أن الموساد الإسرائيلي رد على إعلان الحرس الثوري استهداف إحدى قواعده معلقاً "لا أحد في القاعدة وكلنا في إيران"، لكن التحقق أظهر أن هذه المؤسسات نقلت عن حساب "Mossad Commentary" في موقع إكس، الذي ينتحل التبعية للموساد الإٍسرائيلي لكنه موثق بالعلامة الزرقاء، وهو ما دفع هذه الجهات الإعلامية لاعتماد منشوراته كأخبار.

تكرر الأمر في ذات السياق، عندما نشرت جهات إعلامية بينها "الحدث وMTV اللبنانية وإندبندنت عربية"، أن الموساد وجّه رسالة تهديد مباشرة إلى إيران، بالاعتماد على الحساب المزيف ذاته.

التحقق من الحسابات الموثقة: روني بردغجي نموذجاً

مع تداول منشور نُسب للاعب برشلونة "روني بردغجي"، تضمن صورة الرئيس أحمد الشرع خلال لقائه في الرياض برئيس الفيفا "جياني إنفانتينو" مع التعليق بكلمة "بلادي"، ومساهمة جهات عديدة بينها "تلفزيون العربي" بالترويج للمنشور، تبرز الضرورة للتحقق من الحسابات الموثقة.

أظهرت مراجعة الصفحة التي نُقل عنها المنشور أنها تُدار من مصر والولايات المتحدة الأمريكية، وتحمل اسم اللاعب "Roony Bardghji" لكنها غير رسمية ومصنفة كـ"صفحة معجب"، كما لم يُعثر بالبحث على المنشور ذاته في حسابات اللاعب الموثقة على مواقع التواصل.

كيف يمكن التحقق من هوية الحسابات الموثقة؟

نظراً لما سبق من فوضى استخدام شارة التوثيق واستغلالها، تبدو الحاجة ملحة لوسائل التحقق من مصداقية الحسابات الموثقة، وعلى رأسها العودة للمعلومات الموجودة في قسم "حول/ about" ضمن الحساب، وفي حالة حساب "Roony Bardghji" فئة الصفحة كانت أولى الدلالات على عدم رسمية الحساب رغم توثيقه.

كما تشكل مراجعة شفافية الصفحات وسيلة مهمة للتحقق، فالتعرف على تاريخ إنشائها وموقع الأشخاص الذين يديرونها، والتغييرات التي طرأت على اسم الصفحة إن وجدت، يعني الحصول على معلومات تعزز التحقق من مصداقيتها ورسميتها. وعند الشك بمنشور منسوب لشخصية أو جهة معينة بالاعتماد على حساب موثق، من المفيد العودة للحسابات الرسمية للشخصية أو الجهة على المنصات الأخرى.

تلخّص لكم (تأكد) مجموعة من النصائح لتجنب الوقوع بفخ الحسابات الموثقة:

  1. التوثيق لا يعني بالضرورة الرسمية والمصداقية، بل هو مؤشر أولي على ذلك، استحضر ذلك دائماً.
  2. راجع قسم "حول/ about" وانتقل منه إلى شفافية الصفحة، ودقق في المعلومات المتوفرة فيها من تاريخ الإنشاء والتغييرات التي طرأت على اسم الصفحة وموقع من يديرونها، فتغيير الاسم قد يشكل مؤشراً على التضليل، حيث تُباع الكثير من الحسابات الموثقة ويُعاد تسميتها لأغراض تضليلية.
  3. إذا توقفت عند تصريح يثير الجدل من حساب موثّق، ابحث عن تداوله في وسائل إعلام موثوقة قبل التفاعل، وعند الشك بمنشور في حساب موثق لشخصية أو جهة ما، تفقّد الموقع الإلكتروني لهذه الأشخاص أو الجهات وكذلك صفحاتها الرسمية على منصات أخرى، فغالباً ما يُنشر المحتوى ذاته عبر عدة منصات.
Aa
18

ذو صلة

تأكدAI