تأكد
كذب

كذب

وثيقة تفاهم روسي - تركي لتسليم السلطة في سوريا للشرع.. ما حقيقتها؟

دنيا  عبد النبي

دنيا عبد النبي

نشر ٤ نوفمبر ٢٠٢٥
وثيقة تفاهم روسي - تركي لتسليم السلطة في سوريا للشرع.. ما حقيقتها؟

الادعاء

نشر الصحفي السوري نزار نيوف في مدونته وثيقة زعم أنها الصفحة الأولى من مسودة تفاهم سري بين روسيا وتركيا، لنقل السلطة في دمشق إلى ما أسماه "جبهة النصرة الإرهابية وزعيمها الجاسوس الإسرائيلي - البريطاني أبو محمد الجولاني".

الوثيقة المزعومة

ادعى نيوف أنه حصل على الوثيقة من "أحد الأصدقاء العسكريين المتقاعدين وضباط العهد السوفيتي القدامى الذين خدموا في سوريا"، كما ادعى أنه تواصل مع الصحفية التركية "نادرة مطر Nadire Mater" رئيسة تحرير مؤسسة "Bianet" الإخبارية الرقمية، للتحقق من الختم الممهورة به الوثيقة، لتخبره بأن الختم يخص دائرة معروفة في وزارة الخارجية التركية تدعى "المديرية العامة للتخطيط السياسي Directorate General for Policy Planning" واختصارها "SPGM"، فما حقيقة هذه الوثيقة؟

أُعِدَّت هذه المادة بالتعاون مع جمعية الإعلام والهجرة (Medya ve Göç Derneği - MGD)

دحض الادعاء

ثغرات تنقض رسمية الوثيقة

أظهر التدقيق في محتوى الوثيقة وتحليل شكلها العام احتواءها ثغرات وأخطاء واضحة، تضعف من إمكانية أن تكون تفاهماً أو مراسلةً بيروقراطية رسمية وتجعلها تبدو مزيفة. أوّلها ثغرات واضحة في اللغة الدبلوماسية والتنسيق الرسمي اللذين لا بدّ أن تتسم وثيقة كهذه بهما، إضافة للأخطاء الفنّية.

الأختام موزعة عشوائياً، والوثيقة تخلو من رقم المستند ومن علامات السرية والخصوصية التي لا بدّ أن توسم الوثائق ذات المعلومات الحساسة بها لحمايتها، كما يظهر خطأ في التاريخ ضمن البند الأول، حيث كُتب 2004 عوضاً عن 2024، يُشار كذلك إلى أن الشخصيات الموقّعة لا تملك سلطة التوقيع على هذا النوع من الوثائق والمستندات.

ثغرات تنقض رسمية الوثيقة

نادرة مطر تنفي التواصل معها وتتحدث عن حوادث مشابهة

نفت الصحفية التركية "نادرة مطر" لمنصة (تأكد) أن تكون قد تواصلت مع نزار نيوف أو قدمت له أي تصريح أو تأكيد بخصوص الوثيقة، مؤكدةً أنه لم يتصل بها قط بشأن الوثيقة ولم تقل ما زعم في مدونته.

وقالت إنها لا تجد أي مبرر ليعيد نيوف استخدام اسمها في مادة جديدة، فقد تحدثت السيدة مطر عن حوادث سابقة مماثلة، إذ إنها ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها اسمها بشكل مضلل في أعماله.

نادرة مطر تنفي التواصل معها وتتحدث عن حوادث مشابهة

ففي 27 أيار/ مايو 2012 أُخبرت أن مقالاً نُشر باسمها في موقع "الحقيقة" الذي يملكه نزار نيوف ويرأس تحريره، ثم تفاجأت مجدداً في 1 آب/ أغسطس من العام ذاته بتكرار الأمر، مع ظهور سيرتها الذاتية عند النقر على اسمها المرفق في المقالين.

وشرحت مطر أنها استعانت آنذاك بالمحامي "فكرت إلكز" وأرسلت لموقع "الحقيقة" مطالبة بإزالة المادتين المنشورتين، وبتقديم تفسيرات لاستخدام اسمها في هذه المواد المقدمة على أنها كُتبت من إسطنبول والمرتبطة بتركيا، وقد اعتبرت رسالتها إنذاراً لإزالة جميع الكتابات الموقعة باسمها ومطالبة بنشر بيانها كاملاً لإبلاغ القراء بذلك، وكذلك محو جميع الكتابات المأخوذة من سجلاتها الأرشيفية، محتفظةً بجميع حقوقها القانونية في المطالبة بالتعويض والتقاضي وفقاً للقانون رقم 5651 في تركيا (الناظم للبث عبر الإنترنت ومكافحة الجرائم المرتكبة فيه)، لتتلقى رداً من عاملة في موقع "الحقيقة" عبر اتصال هاتفي، تبلغها اعتذارهم بخصوص وقوع "خطأ تقني في غياب نيوف المقيم في المشفى لإصابته بالسرطان وعدم تمكنه من متابعة شؤون الموقع"، ثم تغيّر في اليوم التالي التوقيع في المادتين إلى اسم "غول أوغلو".

وقالت الصحفية نادرة مطر إنها تعرفت على نيوف عندما كانت تعمل ممثلة لمنظمة "مراسلون بلا حدود" في تركيا، وشاركت في حملة طالبت بالإفراج عنه، عندما كان معتقلاً في سوريا، وفي عام 2002 التقته وجهاً لوجه في برشلونة خلال فعالية أقامتها نقابة الصحفيين الكتالونيين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، ولم يحصل بينهما أي تواصل آخر بعد ذلك، كما أخبرت.

وعبّرت مطر عن حزنها العميق لأن شخصاً نال "جوائز دولية في حرية الصحافة" يمكن أن "يستخدم الكذب وانتحال أسماء صحفيين آخرين لنشر محتوى مضلل" حسب وصفها.

في نهاية شهادتها عبّرت الصحفية التركية نادرة مطر أن الأخبار الكاذبة لا تختفي بسهولة، فهي تبقى وتترك أثراً طويلاً، لكن الحقيقة تظهر دائماً في النهاية. وأضافت أن قوى كثيرة في العالم تحاول أن "تعيد صياغة الحقائق" بما يخدم مصالحها السياسية، وفي المقابل هناك صحفيون ومؤسسات مستقلة تتمسك بالبحث عن الحقيقة وتعدّ التحقّق من الأخبار أمراً بالغ الأهمية. كما عبرت عن امتنانها لمن ساهم في كشف قضية هذه الوثيقة وإدراج اسمها بشكل مضلل في سياق الترويج لها، معتبرة أن ذلك "دفاع حقيقي عن معنى الصحافة".

سوابق نزار نيوف في التلاعب والتزوير

نزار نيوف صحفي سوري وسجين سابق معارض لنظام الأسد، سبق له أن أثار الجدل بنشر وثائق تبين فيما بعد أنها مزيفة، أبرزها وثيقة زعم من خلالها أن "أسماء الأسد" كانت على علاقة بالاستخبارات البريطانية، وقد تضمنت الوثيقة ثغرات فاضحة تحدثت عنها "ميدل إيست آي"، منها أن الخط المستخدم في كتابتها صُمم نوعه بعد تاريخ صدورها بأعوام.

كما عملت منصة (تأكد) على التحقق من وثيقة أخرى نشرها نيوف زاعماً أنها تثبت تلقي "أحمد الشرع" تدريباً من شعبة المخابرات العسكرية التابعة للنظام المخلوع قبل إرساله إلى العراق، وقد تضمنت هذه الوثيقة مؤشرات عديدة للتزوير منها ورود أسماء شخصيات توفيت أو اعتُقلت قبل تاريخ الإصدار المدون بسنوات، وأن الخطوط وأسلوب الطباعة لا يتوافقان مع النماذج المعتمدة في المؤسسات السورية في تلك الفترة، كما أن الختم الظاهر فيها قد يكون منسوخًا من أوراق قديمة وزُرع على ورقة جديدة، وهي تقنية شائعة الاستخدام في عمليات التزوير، وفق تحليل صحيفة "زمان الوصل".

وسبق لمنصة (تأكد) أيضاً أن كشفت تقريراً نشره موقع "الحقيقة" لنيوف، حاول من خلاله ربط انفجار مرفأ بيروت بما أسماه "المسلحين في سوريا"، عبر تنويه على صفحته الرئيسية يوحي بأن التقرير يعود إلى عام 2013، لكن المنصة أثبتت ألّا أثر له على شبكة الإنترنت قبل 9 آب/ أغسطس 2020.

Aa
18

ذو صلة

تأكدAI