
هذا الفيديو لا يظهر دهس 3 شبّان علويين في حمص على يد عناصر حكومية
تداولت حسابات عبر موقعي فيسبوك وإكس، ادعاء مرفق بمقطع فيديو يزعم أن"عناصر تابعة لحكومة دمشق تتعمّد دهس 3 شبّان علويين في حمص".


شهدت محافظة حمص خلال الـ48 ساعة الماضية توترات متصاعدة عقب جريمة مروعة وسرعان ما أصبحت الأحداث في حمص محور روايات غير دقيقة وادعاءات مضللة انتشرت على مواقع التواصل في سياق التحريض وخطاب الكراهية. هذا التضارب في المعلومات أسهم في زيادة القلق داخل مجتمع يعاني أصلاً هشاشة شديدة. وفي هذا التقرير نستعرض تسلسل الأحداث كما أمكن التحقق منه، ونرصد أبرز الادعاءات التي رافقت التطورات وكيف أسهمت في تأجيج الخطاب التحريضي وإرباك الرأي العام.
بتاريخ 23 تشرين الأول/ نوفمبر ارتكب مجهولون جريمة قتل بحق رجل وزوجته من عشيرة بني خالد البدوية داخل منزلهما في قرية زيدل بحمص، وقد تعرضت جثة الزوجة للحرق، وكتب الجناة على جدران مرافق المنزل عبارات لها دلالات طائفية من قبيل: يا حسين، وبنو سمية.

بدورها قالت وزارة الداخلية السورية إن "الجهات المختصة عملت على تطويق مكان الحادث، وجمع الأدلة، وفتح تحقيق موسع لكشف ملابسات الجريمة، وتحديد هوية الجناة وملاحقتهم لتقديمهم إلى القضاء المختص".
وتسبّبت الجريمة بتوترٍ تبعه هجوم لمجموعات من العشائر على ثلاثة أحياء في حمص وهي المهاجرين والأرمن وضاحية الباسل، وقامت بمهاجمة منازل ومحال وسيارات للأهالي من الطائفة العلوية في تلك الأحياء، وسط حالة من الذعر والخوف سادت بين الأهالي.
من جانبها فرضت وزارة الداخلية حظر تجوال مؤقت وعزّزت وحدات الأمن الداخلي انتشارها في مختلف أحياء ومداخل مدينة حمص، وفرضت طوقاً أمنياً ترافق مع تسيير دوريات راجلة وآلية، وقالت الوزارة إن "هدف تلك الإجراءات هو منع أي تجاوزات، وترسيخ الأمن والاستقرار في المحافظة، وصون الممتلكات العامة والخاصة".
رافق الحدث في قرية زيدل حمص وما تبعه من تطورات في عدد من أحياء حمص، سلسلة من الادعاءات المضللة والملفقة صدرت من جهات محسوبة على جميع الأطراف، وجاءت في سياق التحريض وبث خطاب الكراهية وأخرى لإنكار الأحداث.
استبقت حسابات وصفحات على مواقع التواصل التحقيقات ونشرت ادعاءات تصف الجريمة المرتكبة في قرية زيدل بالجريمة الطائفية وذهب آخرون للقول إن مرتكب الجريمة هي ميليشيات من الطائفة الشيعية.
لكن المتحدث باسم وزارة الداخلية "نور الدين البابا" نفى لقناة الإخبارية السورية وجود أي دليل مادي يثبت أن الجريمة لها طابع طائفي، وأشار إلى تأكيد التحقيقات الأولية أن العبارات المكتوبة في مكان الجريمة وُضعت بهدف التضليل، وأكد أن الأمن الداخلي يواصل التحقيقات بنزاهة وحياد وشفافية للكشف عن المتورطين".
كما نشرت حسابات مقطع فيديو قديم لمركبات تابعة لعشيرة بني خالد في إدلب، لكن حسابات أرفقت المقطع بعبارة أنه تجمع قبل الهجوم على الأحياء العلوية في حمص".
قامت حسابات بإجراء بحث عكسي غير دقيق باستخدام تقنية Google Lens وادعت أن صورة الكتابات ذات الطابع الطائفي في منزل الضحايا في قرية زيدل منشورة قبل عام، لكن ذلك الاستنتاج غير دقيق، وسبب ظهور الصورة بتاريخ سابق هو نشرها على حساب مؤرشف منذ ذلك الوقت.
تداولت حسابات ادعاءات مضللة مرفقة بصور تزعم أنهن قتلن على يد مسلحين من عشيرة بني خالد خلال أحداث حمص الأخيرة.
لكن البحث العكسي أظهر أن الطفلات الثلاث جرى تداول صورهن في آب/ أغسطس 2025 على أنهن تعرضن لحوادث قتل على يد مجهولين في ريف حمص.
في ظل الأوضاع الهشّة التي يعيشها المجتمع المتنوع في حمص، تمثل هذه الموجة من الادعاءات الملفقة والمحتوى المضلل خطراً مضاعفاً، إذ لا تكتفي بتشويه الوقائع، بل تسهم في تأجيج المخاوف وتعميق الانقسامات وإشعال فتيل الكراهية.
وتبرز الحاجة الملحّة إلى تعزيز السلم الأهلي، والاعتماد على المعلومات الموثوقة، والتعامل بحذر مع الروايات المتداولة على مواقع التواصل التي قد تُستخدم للتحريض وزعزعة الاستقرار.