
توتر أمني وأعمال تخريب تطال أحياء عدة في مدينة اللاذقية
شهدت مدينة اللاذقية توترًا أمنيًا وأعمال شغب وتخريب طالت أحياء عدة مساء 29 كانون الأول 2025، عقب تشييع عنصر من قوى الأمن، مع انتشار مكثف للأمن والجيش.


تحوّلت الدعوات للاحتجاج يوم الأحد بتاريخ 28 كانون الأول/ ديسمبر 2025 إلى يومٍ حافل بالتوتر الأمني في اللاذقية وطرطوس، بعدما انتهت التظاهرات بسقوط أربعة قتلى وأكثر من 100 مصاب.
خرجت أعداد كبيرة من أبناء الطائفة العلوية بمظاهرات احتجاجية في محافظة طرطوس واللاذقية وجبلة وأجزاء من حمص وريف حماة، وذلك استجابة لدعوة أطلقها رجل الدين العلوي غزال غزال.
دعوة غزال جاءت على خلفية التفجير الذي استهدف مسجد علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بمدينة حمص بتاريخ 26 كانون الأول/ ديسمبر 2025، والذي أودى بحياة 8 أشخاص وأصاب أكثر من 18 آخرين.
وردّد المتظاهرون شعارات طالبت بـ "الفدرالية وحق تقرير المصير"، كما رُفعت لافتات تطالب بـ "الإفراج عن المعتقلين".
وفي جبلة عند دوار محمد نصر، أحرق متظاهرون علويون صورة للرئيس المخلوع بشار الأسد، بعد أن قام مجهولون بكتابة شعارات مؤيدة للأسد على جدران أحد مدارس المنطقة.
وقد رافقت القوى الأمنية المتظاهرين بهدف حمايتهم في بداية التحركات، قبل أن تتوتر الأجواء لاحقاً.
فخلال المظاهرات وتحديداً عند دوار الأزهري باللاذقية، وقع احتكاك بين المتظاهرين وعدد من الشبان الموالين للحكومة السورية الذين توجهوا إلى مواقع المتظاهرين، ورغم محاولة قوى الأمن الداخلي تأمين الدوار وإغلاق مداخله لمنع الاحتكاك بين الطرفين، إلا أن الأوضاع تطورت بينهما لرشق متبادل بالحجارة واستخدام الأسلحة البيضاء، وذلك بحسب ما ذكر مراسل (تأكد).
وأعلنت وزارة الداخلية السورية أن عناصر الأمن المكلّفين بتأمين الاحتجاجات تعرضوا لاعتداءات مباشرة في اللاذقية وريف طرطوس، نفذتها "مجموعات مرتبطة بفلول النظام السابق"، ما أدى إلى مقتل عنصر الأمن سامي مصطفى الشغري، مع تأكيد الوزارة عزمها ملاحقة جميع المتورطين.
ودخلت وحدات من الجيش السوري، مدعومة بمدرعات، إلى مراكز المدينتين في أعقاب التصعيد لاستعادة الهدوء، مع فرض إجراءات أمنية مشددة ونصب حواجز في عدد من الشوارع الرئيسية.
وفي تصريح رسمي لمديرية الصحة في اللاذقية، حصلت عليه منصة (تأكد)، أفادت المديرية بأن حصيلة الضحايا خلال مظاهرات الأمس بلغت 4 وفيات، أحدهم عنصر أمن (سامي مصطفى الشغري)، إضافة إلى 108 إصابات في صفوف المدنيين وعناصر الأمن.
ونشرت صفحات محلية أسماء الضحايا الثلاثة من المتظاهرين وهم حيدر معلا ونور غرة والشاب زين العابين عزام حسين، دون أن يتم تحديد الجهة التي وقفت خلف مقتلهم.
وفي صباح 29 كانون الأول/ ديسمبر 2025 عاد الهدوء والحياة إلى طبيعتها في طرطوس واللاذقية، مع استمرار انتشار قوى الأمن الداخلي في محيط المواقع الحيوية.
تخللت المظاهرات والتوترات اللاحقة في الساحل عدداً من الادعاءات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي، تباينت بين مزاعم حشود من إدلب للتوجه للساحل، وتداول مقطع قديم للشرع، واجتزاء تصريحات رسمية، إضافة لنفي وقوع قتلى من الأمن العام، وأسهمت تلك الادعاءات بإرباك المشهد العام وشحنه بالتعليقات والمواقف التحريضية.
نشرت صفحات وحسابات في مواقع التواصل ادعاءات بأن "أهالي إدلب تجمعوا استعداداً للتوجه إلى الساحل بعد هجمات فلول النظام على الأمن العام في اللاذقية وطرطوس"، وأرفقت الصفحات الادعاء بمقطع فيديو مقتطع من قناة الجزيرة يظهر حشوداً في إدلب وتقول المذيعة إنهم يستعدون للتوجه إلى الساحل السوري.



لكن التحقق أظهر أن المقطع قديم ويعود لبداية أحداث الساحل عقب هجمات بقايا قوات النظام السابق على الأمن العام في الساحل السوري بتاريخ 06 آذار/ مارس 2025.

تداولت حسابات في إكس وفيسبوك مقطعاً مصوراً لكلمة الرئيس أحمد الشرع موجهة لفلول النظام السابق وقد زعمت الحسابات أن الفيديو حديث وعقب الأحداث الأخيرة في الساحل.



لكن الحقيقة أن المقطع مجتزأ من كلمة ألقاها الشرع في 08 شهر آذار/ مارس الماضي، عقب الأحداث الدامية التي شهدها الساحل السوري.
اجتزأت صفحات في فيسبوك تصريحاً للمتحدث باسم الداخلية السورية نور الدين البابا خلال مقابلة له مع قناة الإخبارية السورية، ونشرت الصفحات أن البابا قال إن "مشهد هجوم فلول النظام البائد على المتظاهرين السلميين يعد انتصاراً للثورة السورية".
وقد نشرت صفحة الإخبارية في فيسبوك التصريح، ثم قامت بحذفه لاحقاً دون توضيح.



وبالعودة إلى المقابلة على الإخبارية تبين أن الادعاء خاطئ، فالمتحدث قال إن السوريين يقارنون بين مشهدين "المشهد الأول هو حماية الأمن العام للمحتجين ضد الحكومة ويحمون السلم الأهلي والممتلكات العامة والخاصة ومشهد هجوم فلول النظام على المتظاهرين السلميين" وإن هذا المشهد يعد انتصاراً للمواطن السوري وللثورة السورية.
ادعت صفحات أن عنصراً آخراً من قوى الأمن الداخلي ويدعى "أمير سخيطة" قد قتل على يد "الفلول وعصابات غزال غزال" خلال المظاهرات في الساحل.



لكن التحقق أثبت أن الادعاء مضلل إذ أكدت مصادر مقربة من الشاب "أمير محمد حسان سخيطة" أنه قد توفي إثر حادث سير على طريق إدلب - أريحا بتاريخ 28 كانون الأول/ ديسمبر 2025.

نشر الإعلامي ماهر شرف الدين ادعاء نفى من خلاله وقوع أي قتيل بصفوف الأمن العام في مظاهرات اللاذقية، واستدل شرف الدين بنتيجة التحقق السابقة الذكر، أن أمير سخيطة توفي بحادث سير وليس خلال أحداث اللاذقية أمس.

لكن حقيقة الأمر أن حصيلة الضحايا المثبتة وفق مديرية الصحة في اللاذقية هي أربع وفيات بينهم عنصر أمن عام يدعى "سامي مصطفى الشغري" وقد نعته الداخلية السورية بالأمس وليس أمير سخيطة الذي ذكره الإعلامي ماهر.
تداولت حسابات في إكس وفيسبوك، صورة لشخص مسلح بمسدس، وزعمت أنه كان في صفوف المحتجين العلويين الذي شاركوا بالمظاهرات التي شهدها الساحل السوري مؤخراً.
وزعم متداولو الصورة أن الشخص يتبع لرجل الدين العلوي غزال غزال، وأنه أطلق النار على المحتجين وقوى الأمن، وذلك يوم الأحد 28 كانون الأول/ ديسمبر 2025.



تمكنت (تأكد) بالاعتماد على مصادر محلية، من تحديد هوية الشخص الظاهر في الصورة ويدعى "يوسف. ك"، كما يُعرف بلقب "أبو سامي"، وهو عنصر مجند في جيش النظام المخلوع وسرح عام 2022 وفقاً لهذه المصادر، وكان ضمن المشاركين في التجمعات المضادة والمؤيدة للحكومة السورية الجديدة.
وفي ظل بيئة مشحونة وحساسة كهذه، تبرز أهمية التحقق من المعلومات قبل تداولها، خاصة تلك المرتبطة بالأحداث الأمنية والضحايا، لما قد تحمله من تبعات خطيرة على السلم الأهلي. ويؤكد هذا التقرير مجدداً أن التضليل لا يقل خطراً عن العنف نفسه، حين يُستخدم كأداة للتحريض وإرباك الرأي العام ودفعه نحو مواقف قائمة على معلومات غير صحيحة.